حديث قدسي رواه البخاري ومسلم ولفظه: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-:قال الله تعالى: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. وفي بعض رواياته: ولا يعلمه ملك مقرب ولا نبي مرسل.
والحديث جاء لبيان ما أعد الله تعالى لعباده المؤمنين من النعيم المقيم الأبدي في دار كرامته، وأنه لم تر عين قط مثله، ولم تسمع أذن بوصفه، ولم يخطر على القلب تصوره، وأنه لا يعلم عظمته إلا الله تعالى.
ويفسر ذلك قول أبي هريرة في بعض رواياته: واقرؤوا إن شئتم: فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون.
ما سبق نقلته من بعض المواقع الإسلامية
ولكن هنا وقفة للتأمل ، قال الله عز وجل " ثم دنى فتدلى " وقال بعض المفسرين ذلك هو جبريل دنا من محمد صلى الله عليه وسلم حتى كانت المسافة بينهم بمسافة قوسين أو أدنى وذلك من الجلال والطاعة والهيبة والكرامة والخير والحب والصدق والبر من مَلَكْ عظيم مثل جبريل .
السؤال : هل في الجنة مثل ذلك المشهد الذي حصل بين جبريل عليه السلام ، ومحمد صلى الله عليه وسلم
الجواب : إذا كان ذلك خطر على قلبك فأعلم أن في الجنة أعظم من ذلك ،
ويصدق قولي الحديث السابق " ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر "
قال تعالى: (وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً) [الإنسان: 20][*]قال الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسيره :
وقوله: { وَإِذَا رَأَيْتَ } أي: وإذا رأيت يا محمد، { ثَمَّ } أي: هناك ، يعني في الجنة ونعيمها وسَعَتها وارتفاعها وما فيها من الحَبْرَة والسرور،
{ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا }أي: مملكةً لله هُناك عظيمةً وسلطانًا باهرًا.
وثبت في الصحيح أن الله تعالى يقول لآخر أهل النار خروجا منها، وآخر أهل الجنة دخولا إليها: إن لك مثلَ الدنيا وعشرة أمثالها.انتهى
وقيس على ذلك أمور كثير ، في الجنة اعظم مما نتوقّع ،
ولكن الأمر العظيم والجليل والذي يشتاق إليه المؤمنين
هو رؤية الله عز وجل ، الله الجليل العظيم الذي خلقنا وأكرمنا وهدانا ورحمنا وبعث الرسل حتى يرينا سبيل الرشاد
فإليك عزيزي المسلم بعض الأدلة الثابتة بأن المؤمنين يرون الله في الجنة
وعن ابن عباس رضي الله عنهما: "(وجوه يومئذ ناضرة ) قال : من النعيم ( إلى ربها ناظرة ) قال تنظر إلى وجه ربها نظراً . وهذا قول المفسرين من أهل السنة والحديث .
وقال جل شأنه : ( لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد ) ق/35
فالمزيد هنا هو:" النظر إلى وجه الله عز وجل . " كما فسره بذلك علي و أنس بن مالك رضي الله عنهما
وقال سبحانه : ( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ) يونس/26
فالحسنى الجنة والزيادة هي النظر إلى وجه الله الكريم ، كما فسرها بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيما رواه مسلم في صحيحه ( 266 ) عَنْ صُهَيْبٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ قَالَ: يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: تُرِيدُونَ شَيْئًا أَزِيدُكُمْ فَيَقُولُونَ أَلَمْ تُبَيِّضْ وُجُوهَنَا أَلَمْ تُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ وَتُنَجِّنَا مِنْ النَّارِ قَالَ فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ فَمَا أُعْطُوا شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنْ النَّظَرِ إِلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ وهي الزيادة ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ ( لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ )
فإذا علمت أن أهل الجنة لا يعطون شيئاً فيها أحب إليهم من النظر إلى وجه ربهم جل وعلا تبين لك مدى الحرمان ، وعظيم الخسران ، الذي ينتظر المجرمين الذين توعدهم الله بقوله : ( كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ) المطففين/15 نسأل الله السلامة والعافية .
ومن جميل ما يروى عن الشافعي ما ذكره عنه الربيع بن سليمان ـ وهو أحد تلاميذه ـ : قال : حضرت محمد بن إدريس الشافعي وقد جاءته رقعة من الصعيد فيها : ما تقول في قول الله عز وجل : ( كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ) ؟ فقال الشافعي : " لما أن حجب هؤلاء في السخط ، كان في هذا دليلٌ على أن أولياءه يرونه في الرضى "
فهذه بعض الأدلة من القرآن على ثبوت رؤية المؤمنين لربهم في الجنة .
وأما أدلة السنة فهي كثيرة جداً ، فمنها :
1- ما رواه البخاري ( 6088 ) ومسلم ( 267 ) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن ناسا قالوا : يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ فقال رسول الله : " هل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر ؟ " قالوا : لا يا رسول الله . قال : " هل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب ؟ " قالوا : لا . قال : " فإنكم ترونه كذلك ...الحديث ".
وَفِي رِوَايَة لِلْبُخَارِيِّ ( لا تَضَامُّون أَوْ لا تُضَارُّونَ ) عَلَى الشَّكّ وَمَعْنَاهُ : لَا يَشْتَبِه عَلَيْكُمْ وَتَرْتَابُونَ فِيهِ فَيُعَارِض بَعْضكُمْ بَعْضًا فِي رُؤْيَته . ولا يلحقكم في رؤيته مشقة أو تعب . وَاَللَّه أَعْلَم .ا.هـ مختصرا من شرح مسلم.
2- وفي الصحيحين أيضا ( خ/ 6883 . م / 1002 ) من حديث جرير بن عبد الله البجلي قال: كنا جلوسا مع النبي صلى الله عليه وسلم فنظر إلى القمر ليلة أربع عشرة فقال إنكم سترون ربكم عيانا كما ترون هذا لا تضامون في رؤيته " .
والتشبيه الذي في الأحاديث هو تشبيه للرؤية بالرؤية، أي أننا كما نرى الشمس في اليوم الصحو في غاية الوضوح ، ولا يحجب أحد رؤيتها عن أحد رغم كثرة الناظرين إليها ، وكما نرى القمر مكتملا ليلة البدر وهو في غاية الوضوح ، لا يؤثر كثرة الناظرين إليه على وضوح رؤيته فكذلك يرى المؤمنون ربهم يوم القيامة بهذا الوضوح والجلاء ، وليس المقصود من الأحاديث تشبيه المرئي بالمرئي ـ تعالى الله ـ فإن الله ليس كمثله شيء وهو السميع البصير .
3- وروى البخاري ( 4500 ) و مسلم (6890 ) عن أبي موسى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما، وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما، وما بين القوم وبين أن يروا ربهم تبارك وتعالى إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن ".
اخوتي جمعت الأحاديث من القوقل مع مراعاة رواة الحديث ، حتى يتثبّت المؤمن عندما يقرأ ، ويزداد يقينه من أدلة ثابتة وواضحة