تأكد من عدالة الله
عندما يُبتلى الإنسان بمصيبة ما في نفسه أو ماله أو أهله
وعندما تجتاحه بعض رياح الهم والقلق وتطعنه بعض
شوكات الحزن والألم.
قد يتساءل بصوت مسموع لغيره أو خفي في نفسه:
لماذا أصبت بهذه البلوى من بين الناس كلهم؟
لماذا أعيش مريضاً؟.. لماذا أحيا فقيراً؟
لماذا أبقى مضطهدا؟ لماذا أشعر بالخوف؟
وكأنه يطرح مثل هذه الأسئلة وغيرها...
يشك في عدل الله سبحانه وتعالى للناس
جميعاً أو يتهم الله في قضائه وقدره حيث
كان من المفروض على رأيه ألا يُمتحن بتلك
المصيبة أو لا تقع له تلك النازلة!؟
ولا ريب أن مصدر إثارة هذه الأسئلة الغريبة في عقله
هو الشيطان الذي لا يألو جهداً ووسوسة في إذكاء
مثل تلك الشبهات المضللة والأفكار الخاطئة لزعزعة
ما في قلب المسلم من إيمان وتقوى ورضا ويقين وإشغال
نفسه وتفكيره عن المفيد والنافع له في دنياه وأخراه.
ولكن المسلم الحق يعلم يقيناً:
أن الله سبحانه وتعالى لا يظلم الناس مثقال ذرة
إنما يتعامل معهم بالعدل والرحمة والإحسان
قال تعالى:
(إِنَّ اللَّهَ لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ)
- يونس 44
ويعلم كذلك أن ما يكتبه الله سبحانه على الإنسان من أحداث
إنما هي بتقديره من الأزل قبل أن يخلق السموات والأرض
بخمسين ألف سنه
قال تعالى:
(مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ
أَن نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ) الحديد 22
وأن كل حدث يقع في هذا الكون صغيرا كان أو كبيرا
لا بد له من سبب وحكمه
قال تعالى:
( ظَهَرَ الفَسَادُ فِي البَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي
عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) - الروم 41
فالإنسان عندما يقع له ( مثلاً) حادث سير بسيارته فقد
يكون السبب حسياً وكونيا وهو السرعة أو معنويا وشرعيا
ً وذلك بما ارتكب من ذنوب ومعاص ومظالم وقد يكون السبب
اجتماعهما معاً وقس على ذلك كثيرا من الأحداث المادية والنفسية
والاجتماعية التي تقع للناس.
وليعلم المسلم:
أن الناس عند الله تعالى سواسية ليس بينه وبين أحد
من خلقه علاقة إلا صلة العبودية والطاعة فأحبهم إليه
المكثر من الصالحات والخيرات وأبعدهم منه المرتكب
للمعاصي والمنكرات هذا هو الميزان وتلك هي العلاقة.
المهم في ذلك أن يتأكد الإنسان من عدالة الله سبحانه وتعالى
ورحمته للناس جميعاً وأنه لا يظلمهم شيئاً وأن كل حدث في هذه
الدنيا مهْمَا صغر لا يأتي اعتباطاً أو بلا أسباب يفعلها
البشر بل بتدبير وحكمة.. علمه من علمه.. وجهله من جهله.
ثم أن عليه من جانب آخر أن يراجع حياته وأعماله وسلوكياته
كلها لينظر ما وقع فيه من أخطاء أو محرمات أو نقائص ليجتنبها
ويتوب عنها ويكثر من الاستغفار إن الله كان غفورا رحيماً.
سبحانك اللهم أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك...