هل الحكمة في تقبيل الحجر الأسود التبرك به ؟
الحمد لله
"الحكمة من الطواف بيَّنها النبي صلى الله عليه وسلم حين قال : (إنما جعل الطواف
بالبيت وبين الصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله) فالطائف الذي يدور على بيت
الله تعالى يقوم بقلبه من تعظيم الله تعالى ما يجعله ذاكراً لله تعالى ، وتكون
حركاته بالمشي والتقبيل واستلام الحجر والركن اليماني والإشارة إلى الحجر ذكراً لله
تعالى لأنها من عبادته ؛ وكل العبادات ذكر لله تعالى بالمعنى العام ، وأما ما ينطق
به بلسانه من التكبير والذكر والدعاء فظاهر أنه من ذكر الله تعالى ، وأما تقبيل
الحجر فإنه عبادة حيث يقبل الإنسان حجراً لا علاقة له به سوى التعبد لله تعالى
بتعظيمه ، واتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك ، كما ثبت أن أمير المؤمنين
عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال حين قَبَّل الحجر : (إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا
تنفع ، ولولا أني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك) .
أما ما يظنه بعض الجهال من أن المقصود بذلك التبرك به فإنه لا أصل له ، فيكون
باطلاً .
وأما ما أورده بعض الزنادقة من أن الطواف بالبيت كالطواف على قبور أوليائهم وأنه
وثنية ، فذاك من زندقتهم وإلحادهم ، فإن المؤمنين ما طافوا به إلا بأمر الله ؛ وما
كان بأمر الله فالقيام به عبادة لله تعالى .
ألا ترى أن السجود لغير الله شرك أكبر ، ولما أمر الله الملائكة أن يسجدوا لآدم كان
السجود لآدم عبادة لله تعالى وكان ترك السجود له كفراً .
وحينئذ يكون الطواف بالبيت عبادة من أجل العبادات ، وهو ركن في الحج ، والحج أحد
أركان الإسلام . ولهذا يجد الطائف بالبيت إذا كان المطاف هادئاً من لذة الطواف
وشعور قلبه بالقرب من ربه ما يتبين به علو شأنه وفضله والله المستعان" انتهى
.
فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله .
"فتاوى العقيدة" (ص 28، 29) .